خطاب الأمين الوطني الأول، الرفيق يوسف أوشيش، خلال افتتاح أشغال الندوة الحزبية المخصصة لإحياء اليوم العالمي للعمال
رفيقاتي، رفاقي أعضاء لجنة الجماعية و الأخلاقيات للحزب،
الرفيقات، الرفاق إطارات، منتخبو و مناضلو الحزب،
ضيوفنا الأفاضل كل باسمه و مقامه ،
أسرة الإعلام الوطني،
الحضور الكريم،
السلام عليكم، أزول فلاون،
إنه لببالغ الشرف و كثير من السعادة نتواجد بينكم هنا اليوم لافتتاح أشغال هذه الندوة التي تأتي تماشيا و البرنامج المسطر من طرف الأمانة الوطنية للأفافاس في إطار سلسلة الندوات الموضوعاتية التي أطلقها مؤخرا بهدف تدارس المسائل الوطنية ذات الأهمية و بغرض تحيين مشروعنا الحزبي الذي نستعد لتقديمه للجزائريات و الجزائريين.
و إذ وقع الاختيار على صياغة » مسألة الشغل، الحماية الاجتماعية و القدرة الشرائية » عنوانا لهذه الندوة فإنه إحياءً لليوم العالمي للعمال المصادف للأول من ماي من كل عام، و كذلك لما يكتسيه هذا الموضوع من أهمية بالغة لنا في الحزب و بالنسبة لمواطنينا ككل.
و قبل أن نستفيض في كلمتنا هذه بخصوص الموضوع المطروح و قضايا الساعة ، بودي أولا أن أرحب بضيوفنا الكرام من أكاديميين و مناضلين نقابيين و جمعويين الذين أبوا مشكورين إلا أن يلبوا دعوتنا لهذه الندوة للإسهام في إنجاح أشغالها ، و كذلك الشكر و الترحاب موجه لكل الرفيقات و الرفاق الحاضرين معنا، مبدين اهتماما متجددا بكل أنشطة الحزب التي من خلالها يتقاسمون و أبناء وطنهم مراكز اهتماماتهم و انشغالاتهم.
كلكم تعلمون أن إحياء اليوم العالمي للعمال و كذلك اليوم العالمي لحرية الصحافة يأتيان في خضم سياق دولي و ظرف إقليمي مضطربان و عاليا التوتر تتسارع فيهما الأحداث و تتوالى خلالهما الأزمات.
و إزاء هذا الوضع و أكثر من أي وقت مضى تتعاظم المسؤوليات الوطنية و تُستدعى اليقظة تجاه ضرورة الثبات على مبادئنا و قيمنا و الاستمرار في نضالاتنا على غرار ما تعلق منها بحقوق العمال و حق التعبير مع ضرورة التوفيق بينها و بين ما تعلق بمسألة بناء دولة القانون و العدالة الاجتماعية فضلا عن واجب حماية الدولة الوطنية، المكسب الغير القابل للتنازل تحت كل الظروف.
و إن ما يزيد من ثقل المسؤولية و صعوبة المأمورية هو الوضع الوطني العام المتسم بالجمود و غياب مشروع وطني متفق عليه واضح المعالم و محدد الأهداف يضمن و يشجع انخراط كل الفئات الشعبية و يعيد لها الثقة و الأمل بغد أفضل.
إن الأحادية في التسيير و اتخاذ القرارات و الإمعان في إغلاق المجالات السياسية و الإعلامية و التضييق على كل أشكال الانتظام الحر للمجتمع و إذ يضعفان مستويات الثقة و الأمل داخل المجتمع فإنهم كذلك لن يشكلا بأي حال من الأحوال حصانة للوطن بقدر ما تزيده إلا هشاشة و لا تعرض تماسكه الاجتماعي إلا للخطر.
يٌضاف إلى ما ذكرناه الوضع الاجتماعي المتردي الذي و بالرغم من الإجراءات الضرورية المتخذة فإنها تظهر غير كافية لوقف انهيار القدرة الشرائية لمواطنينا توازيا مع التآكل الذي تتعرض له العملة الوطنية و الارتفاع المستمر لمستويات التضخم ، أيضا فإن مسألة الشغل أضحت لا تشكلبالأخذ بعين الاعتبار المقابل المتأتي عنها و القوانين الناظمة لها ضمانة للمستقبل و صونا للكرامة بالنسبة لمواطناتنا و مواطنينا.
و نحن نعي جيدا أن الوضع الاجتماعي يرتبط ارتباطا وثيقا بالوضع الاقتصادي و قد تدارسنا في الندوة الموضوعاتية السابقة سبل التنويع الاقتصادي و التخلص من الريع كضرورة حيوية لبناء اقتصاد نوعي خلاق للثروة و لمناصب الشغل الحقيقة و هو المطلوب و المأمول الذي لن يتم إلا بصياغة رؤية اقتصادية توافقية و شاملة تجمع أصحاب القرار، الخبراء و كل الشركاء و أطياف المجتمع و ذلك بالتكامل مع الشق السياسي بالشروع دون تأخير في استكمال المشروع الوطني.
رفيقاتي رفاقي الأعزاء،
و نحن في أجواء إحياء اليوم العالمي للعمال ، فإنها المحطة المتجددة لإيصال التحية و العرفان لكل العمال الذين لا يزالون يناضلون من أجل استرجاع كامل حقوقهم المادية و المعنوية ما يضمن لهم العيش الكريم و يمكنهم من أداء واجباتهمالمواطناتية و التمتع بحقوقهمفي ظل الانخراط بكل شغف في تجسيد المشروع الوطني.
و إنه يتوجب السماح لهم مواصلة النضال بشكل منظم و مسؤول من أجل إعادة الاعتبار للعمل كقيمة مجتماعتية ضد ثقافة الريع المغذية لثقافة النهبو المؤسسة لاقتصاد هش و مشلول.
لم يتخلف الأفافاس يوما عن مساندة العمال و الوقوف في صفهم فقد ندد بشدة على سبيل المثال لا الحصر عند مناقشة قانونني الممارسة النقابية و ممارسة الحق في الإضراب العام الماضي، سواء خلال أنشطته و تجمعاته أو عبر ممثليه بمجلس الأمة ، بالتجاوزات و الاختلالات التي طالت القانونينخصوصاما تعلق بنزع الصبغة السياسية عن النقابات الوطنية، و دعونا حينها إلى سحبهما و إعادة صياغتهما عبر فتح حوار وطني جدي بخصوص الموضوع يجمع المعنيين و كل الشركاء السياسيين و الاجتماعيين.
لقد أهلنا بشكل صريحتلك الاختلالات بأنها عودة عن مكاسب التعددية و محاولة للسلطة لخلق كيانات إدارية لا تمت بالعمل النقابي بصلة ينحصر دورها في إخضاع العمال لا غير.
كذلك أحيينا يوم أمس اليوم العالمي لحرية الصحافة و هي الفرصة المثلى للترحم على شهداء الكلمة الحرة إبان عشريات مضت فقدت الجزائر خلالها من بين خيرة أبنائها و أقدرهم في المجال.
و إزاء ما تجتازه الممارسة الإعلامية من تراجع رهيب اقترانا بالغلق المبرمج للمجتمع و التسيير الأمني لشؤونه فإنه من الواجب مواصلة النضال من أجل الدفاع عن قيم حرية التعبير ضد كل ما يمسها سواء تعلق الأمر بتكميم الأفواه أو سياسات ازدواجية المعايير.
لا تقف التحديات التي تواجهها الممارسة الإعلامية اليوم فقط عند الغلق أو التسلط بل تعاظمت مؤخرا في خضم التحول التكنولوجي العالمي و سيادة شبكات التواصل الاجتماعي و ما فرضته من سطحية في تناول المادة الإعلامية و ميوعتها إلى جانب طغيان الأخبار الزائفة و تأثيراتها المدمرة على المجتمعات.
و أخذا بهذه التحديات و لأن الإعلام و الرأي العام أضحيا خلال عصرنا الحالي حصان معركة ما يسمى حروب الجيل الرابع و لأن الإعلام يعتبر رسالة سامية أكثر من أن يكون مجرد مهنة فإنه حري بنا التزود دونما تأخير بمنظومة إعلامية مقتدرة عمادها الكفاءة و إثارة النقاش الحقيقي الحر.
و نبقى في الأفافاس موقنين بأن الانفتاح الإعلامي مرتبط بشكل وثيق بالانفتاح السياسي.
رفيقاتي، رفاقي الأعزاء،
إن مواجهة المخاطر المحدقة ببلادنا على حقيقتها و خطورتها ، لن تكون ذات جدوى إلا في مناخ من الانفتاح و بالارتكاز على خطاب من المصارحة و الحقيقة ، و لن يكون إلا بتقديم التنازلات و بشكل متكافئ و عادل .
و تظل الأولوية في هذا الجانب هي التهدئة و إعادة الثقة بالتوقف عن كل أشكال السياسات القمعية من تضييق للحريات و تكميم للأفواه و تحرش بالمناضلين السياسيين، النقابيين و الجمعويين موازاة بتصعيد منظمات مجتماعاتية لا امتداد لها في رسكلة خطيرة لممارسات سالفة.
أيها الأصدقاء الأفاضل،
إن الأفافاس يبقى ملتزما كل الالتزام بمبادرته السياسية في كل الظروف و السياقات و يعمل جاهدا لإنجاحها و ذلك تطبيقا لمخرجات مؤتمرنا الأخير و إسهاما منه في رص المقترحات للخروج بالبلاد من حالة الانسداد المزمنة التي تعيشها .
و إذ التقينا في إطارها بعديد التشكيلات السياسية الوطنية و من مختلف التوجهات فإننا ماضون إلى الكشف عن نتائج تلك المحادثات عما قريب، التي تتلخص أساسا في بلورة رؤية مشتركة للكيفيات التي سنعالج القضايا الكبرى التي تواجهها بلادنا و على كافة الأصعدة.
يبقى أن جوهر هذا المسعى قائم على فلسفة الحوار الشامل و إعادة الاعتبار للعمل السياسي و النقاش العام تمهيدا لاستكمال المشروع الوطني، هذا الأخير الذي بات ضرورة حيوية لبلادنا قياسا بالرهانات و التحديات التي تواجهها في خضم المخاض العسير الذي يعيشه العالم ككل و حالة الترقب المرافقة له.
و إذ تستعد البلاد لاستحقاق رئاسي بعد أربعة أشهر من اليوم ، فإن هيئات الحزب ستفصل في موقفها تجاهه في دورة المجلس الوطني القادمة بكل استقلالية و مسؤولية.
و لن نخفيكم أن الأفافاس كان يرغب في إجراء هذه الانتخابات في أجواء من الانفتاح و النقاش الحر و بالرغم من ذلك فإن هذا الموعد الهام يجب أن يشكل للبلد فرصة للخروج صلبا و ذلك بمنح شرعية أكبر للمؤسسات و بالتخلص من الارتجال و بتجاوز العراقيل التي تقف في وجه التنمية الاقتصادية و الاجتماعية .
وأيا كان قرار الحزب فإن الأفافاس القوي بمقترحاته يعبر عن تصميمه الكامل على جعل هذا الموعد مع الأمة فرصة لفتح نقاش وطني واسع يمهد لوضع أسس جزائر صلبة، حرة و مزدهرة.
و على صعيد آخر و نحن نعيش التطورات الأليمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني المناضل و بالموزاة مع إحياء اليوم العالمي للعمال و اليوم العالمي لحرية الصحافة فإن تفكيرنا يتوجه إلى جانب كل الفلسطينيات و الفلسطينيين نحو العمالو الصحفيين الفلسطينيين الذين و خدمة لقضيتهم الوطنية سقط منهم الكثيرون في ميدان الشرف و لا يزال البقية منهم يناضلون بكل اقتدار في وجه كل أشكال البطش و الطغيان الصهيوني و في سبيل تجسيد مشروعهم التحرري.
أصدقائي الأعزاء ،
في الأخير و إذ خصصت هذه الندوة لمسألة الشغل و ما ارتبط بها إحياءً لليوم العالمي للعمال فإنه لن ننسى برمجة ندوة تخصص لحرية التعبير وفاءً لتضحيات رجال هذا الميدان و تدارسا لواقع الإعلام الوطنيو دوره في المشروع الوطني و استحضارا للتحديات الآنية و المستقبلية التي تواجهه.
شاكر لكم كرم إصغائكم و إلى لقاء قريب.
تحيا الجزائر حرة سيدة،
يحيا الأفافاس ،
المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار
الأمين الوطني الأول
يوسف أوشيش