كلمة الأمين الوطني الأول خلال افتتاح أشغال الندوة الخاصة بإحياء الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
كلمة الأمين الوطني الأول خلال افتتاح أشغال الندوة الخاصة بإحياء الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
« الانتهاكات المتجددة للقانون الدولي الإنساني في فلسطين … العالم أمام امتحان حقوق الإنسان »
الرفيقات و الرفقاء الأعزاء،
سعادة سفير دولة فلسطين بالجزائر المحترم، السيد فايز أبو عيطة،
الإخوة الفلسطينيون الحاضرون هنا كل باسمه و مقامه،
ضيوفنا الأكارم،
الأخوات و الإخوة من وسائل الإعلام ،
السلام عليكم أزول فلاون،
في البداية و ببالغ الشرف أجدد الترحيب بسعادة سفير دولة فلسطين بالجزائر، السيد فايز أبو عيطة، و أعبر له باسم جبهة القوى الاشتراكية عن امتنانا العميق لتلبيته دعوتنا ءرغم كثرة ارتباطاته و التزاماتهء لحضور أشغال ندوة الأفافاس الخاصة بإحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان و التي خصصناها حصرا هذه السنة لتسليط الضوء على ما يحدث بغزة و عموم فلسطين من انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان أمام صمت المجتمع الدولي و عجز مؤسساته و أمام التواطؤ المخزي للدول الغربية التي لطالما إدعت زورا ارتباطها و تمسكها بالقيم الإنسانية و الحرية و العدالة.
و لا يفوتني كذلك أن أشكر كل من لبى دعوتنا من مناضلين، حقوقيين و أكاديميين ، جزائريين كانوا أو فلسطينيين و كذلك أجدد شكري للإخوة الذين سيشرفوننا بمداخلاتهم في هذا الصدد.
أيها الحضور الكريم،
إن الشعب الفلسطيني الصامد، و تحت أنظار المجتمع الدولي و مؤسساته، يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية و هي الحق في الحياة و يتعرض لأبشع أنواع التقتيل، الإبادة و التهجير. فلا الأحياء السكنية ولا المدارس و المستشفيات و لا حتى المساجد و الكنائس سلمت من هذه الحرب الغير المسبوقة و التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين ناهيك عن التدمير الكامل لكل أشكال الحياة في قطاع غزة.
فأين حقوق الإنسان التي يتغنى بها الغرب المتواطئ مع الكيان الصهيوني من كل هذا ؟ و ما مستقبلها في ظل هذه الحرب القذرة؟
سقط القناع عن القناع عن القناع
فالعالم بأسره أمام امتحان حقوق الإنسان و شموليتها. فالظاهر أن حقوق الإنسان أضحت حكرا على فئة و مجتمعات دون أخرى أمام ما نراه من ازدواجية لتطبيق المعايير الإنسانية و انتقائية في استدعائها ؟
إن هذا العدوان الهمجي و ما حدث و ما يحدث في فلسطين من جرائم ضد الإنسانية و التواطؤ الرهيب و المخزي للدول الغربية أسقط القناع و أسقط الخرافة القائلة بأن الغرب و حضارته حاملة لكل قيم الحرية، العدالة و احترام حقوق الإنسان.
فسقط القناع عن القناع و تجلت الحقائق في أرواح الأطفال و البراءة المغتالة و الأمهات الثكالى …
أيها الجمع الكريم،
لقد أكد الأفافاس و منذ نشأته على مركزية القضية الفلسطينية و كان منذ ذلك الوقت مناصرا و داعما وفيا لها و لا يزال و هو الأمر الذي وقف عليه شخصيا رئيسنا الراحل حسين آيت أحمد قيد حياته ، بالتأكيد فضلا عن عدالتها على إنسانيتها و بعدها العالمي.
بالنسبة للأفافاس فإن القضية الفلسطينية هي قضية تصفية استعمار تحررية، فكفاح الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه الوطنية و سيادته هو قضية عادلة و كفاح مشروع تماما مثل كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.
إن تصنيف هذه القضية على أنها قضية دينية و تصويرها أنها حرب بين الأديان و الحضارات هو خضوع للعبة التي يلعبها الكيان الصهيوني بهدف تحييد أي إسناد و دعم يأتي من الدول أو الشعوب الغير المسلمة.
السيدات و السادة
لقد حان الوقت لتصحيح الظلم التاريخي الذي يطال الشعب الفلسطيني الذي و أمام ما تعرض و ما يتعرض له اليوم فليس لأي قوة أن تحرمه من حقه في الدفاع عن نفسه و شرفه و مقدساته التي هي كذلك مقدساتنا.
إننا متيقنون بأنه و كلما زادت شدة و عدوانية المحتل الصهيوني كلما زاد إصرار الفلسطينيين على انتزاع كل حقوقهم و على رأسها الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشريف.
كلنا ثقة في الأفافاس بأن الشعب الفلسطيني الأبي سيعرف بعبقريته و شهامته كما عرف أباؤنا و أجدادنا من الحركة الوطنية كيف سينتقل من حالة المقاومة و الصمود إلى حالة التحرير في ظل وحدة الصف و القضية.
فما منا الا نصرة هذه القضية العادلة و مساندة الأشقاء الفلسطينيين خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها.
رفيقاتي رفاقي الأعزاء،
تضعنا الأحداث الدامية في فلسطين بموقف التساؤل و المساءلة حول مسألة حقوق الإنسان و توظيفاتها ، و تجبرنا كي نتمعن فيها مليا خصوصا أما زيف دعاية الغرب بخصوصها و انتقائيته في تطبيقها بل و أخطر من ذلك فهو اعتاد أن يجعل منها مطية للتدخل في شؤون الدول و ضرب استقرارها و تمرير أجنداته و الأمثلة كثيرة في هذا الصدد. و لهذا و من هذا المكان دعا الأفافاس و منذ قرابة العامين إلى تبني مقاربة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان يعكف عليها الفاعلون الحقوقيون الوطنيون و تستدعى فيها الشخصية و الهوية الوطنية و ذلك تحصينا للجبهة الوطنية وحماية لحقوق الإنسان من أي مساس أو متاجرة و صدا لكل من يريد توظيف حقوق من قوى الاستعمار الحديث لغايات خبيثة، و إننا نجدد الدعوة اليوم إلى ذلك.
فإذا ارتبط مفهوم حقوق الإنسان و منذ عقود حصرا بالديمقراطية فإن كل الحيثيات اليوم تجعله يرتبط بالديمقراطية و السيادة الوطنية معا.
إلى هنا أكون قد أتتمت قراءة هذه الكلمة معتذرا عن الإطالة و شاكرا لكم حسن إصغائكم.
تحيا الجزائر حرة، ديمقراطية و سيدة.
تحيا فلسطين صامدة شامخة ،المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار.
الأمين الوطني الأول
يوسف أوشيش