الأفافاس من برج بوعريريج : الوطنية والديمقراطية لمواجهة الجمود، الشعبوية والتطرف
في لقاء نشطه من برج بوعريريج اليوم 17 ماي 2025، شدد الأمين الوطني الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، على ضرورة تبني مقاربة سياسية شاملة كسبيل لمواجهة التحديات الجسام الداخلية والخارجية التي تعيشها الجزائر.
وأكد أن “الحصن الأهم لمواجهة المخاطر و رفع التحديات الحالية هو تبني مقاربة سياسية محضة، قائمة على الانفتاح، والحوار، واحترام الحقوق والحريات في إطار إعلاء المصالح العليا للوطن و التشبث بوحدته، سيادته و استقراره.
إعادة الاعتبار للفعل السياسي والحزبي
وفي مداخلته، أبرز أوشيش ضرورة إعادة الاعتبار للعمل السياسي والحزبي باعتباره أداة أساسية في الحوكمة والتأطير المجتمعي، مشيرًا إلى أن “الواجب اليوم هو رفع كل القيود التي تعيق الممارسة السياسية وفتح النقاش والفضاءات الإعلامية أمام الفاعلين الوطنيين”.
كما ألح على “وجوب التوفيق بين أخلاق القناعة وأخلاق المسؤولية في الممارسة السياسية”، داعيًا إلى إحياء العمل السياسي بمعناه النبيل، وتجاوز منطق التسيير الإداري وفرض الوصاية على المجتمع.
الديمقراطية والوطنية… ركيزتان لا تنفصلان
من منطلق رؤية الأفافاس، شدد أوشيش على أن “الديمقراطية والوطنية لا تنفصلان، وهما الأساس الذي يجب أن تُبنى عليه الجزائر الحديثة”. وأضاف: “المسؤولية اليوم جماعية، وهي تتطلب انخراطًا صادقًا، تنازلات متبادلة، وإرادة سياسية حقيقية لإحداث التغيير المنشود، وتكريس دولة القانون والديمقراطية و لتعزيز دعائم دولتنا الوطنية والحفاظ على أمننا القومي ».
وفي السياق نفسه، حذر من العودة إلى تجارب الماضي التي أقصت المجتمع من مسار البناء الوطني، مؤكدًا أن “الشعب الجزائري قادر على تقديم التضحيات، وقادر على صنع المعجزات إذا ما تم إشراكه بصدق في مسار بناء الدولة الوطنية و الدفاع عن مقوماتها ».
إعادة بناء جسور الثقة… مفتاح السيادة والصمود:
ربط أوشيش بين السيادة الوطنية والقدرة على الصمود، وبين ضمان انخراط الشعب و إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع. وقال: أن “ السيادة الحقيقية لن تتأتى دون انخراط شعبي واسع »، و أن « الصمود في وجه الاستفزازات و المخاطر الخارجية يبنى على أساس إعادة بعث الثقة و تجديد العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطنين. وهذا يتطلب العمل على ردم الهوة، وبناء قنوات التواصل والثقة”.
كما شدد على أن الجزائر “بحاجة إلى طريق ثالث، بين دعاة الجمود وأنصار الشعبوية والتطرف، طريق وطني جامع، كما كان الحال إبان ثورة التحرير الوطني”، داعيًا إلى “انخراط جماعي في معركة الوعي والدفاع عن مكتسبات البلاد و التي هي في معضمها نتاج تضحيات جسام إبان و بعد الثورة التحريرية ».
نحو توافق وطني أساسه مبادئ مشتركة
أفاد يوسف أوشيش أن حزب الأفافاس يقترح الانطلاق من أربعة محاور كبرى لتأسيس توافق وطني فعّال ومستدام، مع التأكيد على أن هذا التوافق يجب أن يكون نتاج “حوار حقيقي ومسؤول، يجمع مختلف القوى السياسية والاجتماعية في إطار احترام التعددية السياسية والنقابية والإعلامية والثقافية”.
وتمثلت محاور هذا التوافق في:
1. تعزيز دعائم الدولة الوطنية والمناعة الداخلية: في ظل الحروب الهجينة والتحديات التي تفرضها خروب الجيل الرابع، دعا إلى تكييف السياسة الدفاعية للجزائر مع المتغيرات الجديدة، مؤكداً أن المناعة الحقيقية لا تُبنى إلا بإشراك المواطنين في الدفاع عن مشروع الدولة.
2. دولة القانون والحريات: حيث أكد أوشيش أن تكريس استقلالية القضاء واحترام إلى الحريات الأساسية للمواطنين هو المدخل الأساسي لتجسيد الديمقراطية و دولة قانون حقيقية تُعيد الثقة للمواطن وتضعه في قلب عملية التغيير و البناء الوطني.
3. السياسة الخارجية المستقلة: دعا أوشيش إلى ضرورة الحفاظ على ثوابت السياسة الخارجية للجزائر القائمة على عدم الانحياز والدفاع عن المصالح العليا للوطن، في ظل استفزازات إقليمية ودولية متزايدة.
4. النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية: ألحّ على أن النجاعة الاقتصادية يجب ألا تكون على حساب العدالة الاجتماعية، داعيًا إلى تحرير الاقتصاد من القيود البيروقراطية، وتحقيق التوازن و الخروج من السياسات الريعية باعتماد رؤية استشرافية تأخذ بعين الاعتبار المقومات الاقتصادية التي تزخر بها الجزائر مع التطلع المشروعللعيش الكريم لشعبها.
كما شدد على أن مسألة الهوية الوطنية محسومة دستوريًا، وأن أية محاولة لزعزعتها تشكل تهديدًا مباشرًا للتماسك المجتمعي والدولة الوطنية.
ختامًا… معركة الوعي مسؤوليتنا جميعًا
أنهى يوسف أوشيش تدخله بالتأكيد على أن “معركة الوعي يجب أن تستوقفنا جميعًا، سياسيين ومجتمعًا مدنيًا ومواطنين”، فهي السبيل الحقيقي لبناء مستقبل سياسي وطني جامع يضع حدا للتبعية والتهميش ويُعيد الثقة في السياسة كمجال نضالي نبيل يخدم الصالح العام.
كما أكد يوسف أوشيش أن جبهة القوى الاشتراكية، من خلال هذا الطرح، تقدم دعوة صريحة لجميع الجزائريين إلى الوحدة والانخراط في مسار سياسي وطني جامع، يضمن سيادة البلاد، ويكرّس دولة القانون، ويعيد الحياة للفعل السياسي في جزائر تعتز بانتمائها و مقوماتها، وتُؤمن بالديمقراطية كخيار لا رجعة فيه.