التصريح الكامل للأمين الوطني الأول، يوسف أوشيش عقب لقائه رفقة وفد الأفافاس برئيس الجمهورية

وفاءً منها لتقاليدها الراسخة في الحوار البناء الذي يشكل أحد أركان هويتها السياسية منذ تأسيسها و تكريسا لمبدأ المسؤولية الذي يؤطر أنشطتها و مساعيها، استجابت جبهة القوى الاشتراكية لدعوة رئيس الجمهورية لحضور هذا اللقاء بهدف استعراض الوضع السياسي الوطني العام و بغرض تبادل الرؤى و التشخيصات حوله خاصة و أنه يأتي في خضم سياق دولي و إقليمي يعرف تحولات جيوسياسية عميقة و غير مسبوقة، تصاعدت خلاله كل التهديدات و التحرشات ببلادنا. و في هذا السياق أكدنا رفض حزبنا لأي تدخل في شؤوننا الوطنية و شددنا على أن قوام علاقاتنا الدولية يجب أن يرتكز على الندية و الاحترام و قدسية سيادتنا الوطنية.

لقد كان لقاء اليوم فرصة لنقاش ثري، صريح و مسؤول أكدنا عبره حتمية تبني مقاربة سياسية إصلاحية شاملة تهدف لتكريس التغيير عبر الانفتاح السياسي و إرساء الديمقراطية و تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة و الرقي و الرفاه الاجتماعيين.

و عليه، جددنا مطلبنا تجاه إرساء مناخ سياسي و إعلامي هادئ و متفتح يعيد الروح للنقاش العام الوطني حول القضايا المحورية للأمة و يهيئ الأرضية لحوار وطني جدي و شامل.

في هذا الصدد أطلعنا السيد الرئيس حول مضمون و خلاصة اللقاءات الثنائية التي أجريناها مع مجموع الشركاء السياسيين بغرض التوصل إلى توافق وطني و التي تمحورت حول أربع محاور كبرى:

01- الحفاظ على استقلالية سياستنا الخارجية المؤسسة على عقيدتنا لعدم الإنحياز.

02- تعزيز أمننا القومي بمفهومه الواسع و الشامل : العسكري، السياسي، الاقتصادي، الطاقوي، الصحي، الاجتماعي و الثقافي.
03- بناء اقتصاد منتج متحرر من القيود البيروقراطية ما يمكننا من التوفيق بين الفعالية الاقتصادية و العدالة الاجتماعية.
04- تجسيد دولة القانون و الحريات بإعادة الاعتبار لاستقلالية القضاء و حياده و لوظيفته في حماية المجتمع و الأفراد من كل أشكال التعسف و المساس بحقوقهم الأساسية المكفولة من قبل الدستور.
و خلال هذا اللقاء رافعنا على ما نعتبره من المسلمات و هو أن الدرع الأنجع لتحصين دولتنا الوطنية و التعزيز من دفاعاتها المناعية و أمنها القومي يكمن في بناء جبهة وطنية متينة تمر عبر:
ترجيح المقاربة السياسية في التعامل مع الشأن العام و سموها مقابل أي مقاربة أخرى،
إعادة الاعتبار للسياسة و لأدوات العمل السياسي و بعث النقاش الوطني و الديمقراطي و إرساء حياة سياسية و إعلامية تعددية، من خلال تقوية دور الأحزاب السياسية كأدوات للحكم ، الإعلام و المنظمات الوسيطة الذين يعدون ضمانة لاستقرار سياسي مستدام يهدف لتقوية الرابط بين المواطنين و المؤسسات،
احترام الحريات و تشجيع النقاش الديمقراطي المفتوح وجعل الحياة العامة فضاءً يكون فيها انتقاد السياسات العامة فعلا مواطناتيا ، مسؤولا، بناءً و نافعا يكون في خدمة المصلحة العامة و يجسد السلطة المضادة التي تعود بالنفع في ما يتعلق بمصداقية المؤسسات و تقوية الدولة و إعادة ثقة المواطنين بها،
احترام دولة القانون و استقلالية القضاء. سيادة القانون، و السهر على تطبيقه لما يتعلق الأمر بممارسة السلطة و المسؤوليات، و وضع حد للإفلات من العقاب ما يسمح بتقوية رابط الثقة بين المواطنين و المؤسسات و محاربة البيروقراطية و الفساد بشكل فعال،
تعزيز الطابع الاجتماعي للدولة و اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها رفع كل مظاهر الغبن و الحاجة لدى المواطنين لا سيما برفع القدرة الشرائية لهم و وقف ارتفاع مستويات التضخم،

تحرير المبادرة الاقتصادية من البيروقراطية و من منطق الريع و بناء اقتصاد متنوع خلاق للثروة و مناصب االشغل.

في سياق اخر، أبدينا للسيد الرئيس قلقنا حول مضمون مشاريع القوانين المنظمة للحياة العامة لا سيما المتعلقة بقانوني البلدية و الولاية ، قانون الأحزاب و قانون الجمعيات و أشرنا بأن صيغها الأولية هذه لا تعزز إلا سطوة الإدارة و تفرض الوصاية على المجتمع السياسي و عبرنا عن أملنا العميق أن تتدارك صياغتها النهائية كل الاختلالات المسجلة في هذا الصدد و تفرز نصوصا في مستوى التطلعات الديمقراطية و تجسد حقا التعددية السياسية.

كما أعربنا كذلك عن إنشغالنا العميق حول ما يطال المشهد الوطني من جمود و غلق ممنهج لا يعزز إلا الركود الذي لا يخدم وطننا خصوصا في هذا الظرف بالذات الذي يتطلب انفتاحا و تحريرا للمبادرة الوطنية لرفع كل التحديات و تجاوز كل الرهانات على تعقيدها و صعوبتها.

الجزائر، 20 يناير 2025

الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية
يوسف أوشيش

Publications similaires